سنة العراق وثقافة المشاركة في الانتخابات
عمر عبد العزيز الشمري/ خاص مشروع القادسية الثالثة
عندما قاطع السنة العرب الانتخابات الأولى سيطرت القوى الشيعية والكردية على مقاليد الحكم وبدأت حملة التصفية والتهجير التي قام بها الشيعة بحق أهل السنة في العراق بقيادة إبراهيم الجعفري وباقر جبر( دريل) وغيرهما من المجرمين، وهؤلاء كانوا يقومون بهذه الحملة بإشراف إيراني وبرضى أمريكي وصمت عربي مطبق، وعندها عض السنة أصابعهم ندماً على مقاطعتهم الانتخابات، وعزموا على ألا يقاطعوها مرة ثانية أبدا. وبالفعل شارك السنة في الانتخابات التي جرت في 2006 وانتخبوا جبهة التوافق التي فشلت في حمايتهم ومن ثم انتخبوا القائمة العراقية في الانتخابات الأخيرة والتي يبدو أنها فشلت كذلك في توفير الحماية لهم رغم فوزها في الانتخابات لكن الخبث والمكر الشيعي حال دون نيل حقهم في تأليف الحكومة التي ذهبت لنوري المالكي الرجل المعروف بطائفتيه وصاحب سوابق إرهابية قبل احتلال العراق ومجيئه على ظهر الدبابات الأمريكية.
واليوم نسمع تذمراً وشكوى من أهل السنة على الأداء السياسي المترهل للسياسيين السنة وفشلهم في تحقيق وعودهم التي وعدوا بها جماهيرهم، وهذا ربما سيلقي بظلاله على الانتخابات القادمة ويؤثر على مستوى المشاركة السنية في الانتخابات، والحق أن مقاطعة الانتخابات خيار فاشل وخيار من لا خيار له فلن يغير مقاطعة الانتخابات شيئاً من واقع أهل السنة بل سيعود الزمن بهم إلى الوراء إلى أيام الجعفري وباقر (أبو الدريل) وهذا ما لا يريده أي سني في بغداد ولا في العراق، والذين يدعو للمقاطعة هم أنفسهم الذين دعوا للمقاطعة الأولى التي أحب أن اسميها مقاطعة العمر لأن الشيعة تمكنوا خلالها من بسط نفوذهم وتقوية شكوتهم في أول انتخابات فازوا بها، وأثّر ذلك على الخارطة السياسية لعراق ما بعد الاحتلال.
وتبدو حجج المقاطعين أو الداعين إليها واهية فهي تركز على أن المقاطعة ستنزع الشرعية من حكومة الاحتلال!! ولا نعلم هل هناك من رفض الاعتراف بحكومة الجعفري الأولى بعد مقاطعة السنة للانتخابات؟ فهذه حجج واهية يرفعونها لتخدير الناس من حيث يشعرون أو لا يشعرون، ويخدمون بهذا إيران والشيعة أكثر مما يضرونهم،
أما الحجة الثانية فهي تتعلق
بأداء السياسيين السنة وذلك الفساد والمحسوبية، وهذا حق فهم فشلوا إلى حد كبير من
تحجيم النفوذ الشيعي وتوسيع المشاركة السنية ولكن هذا الفشل ليس بالضرورة أنهم
فاشلون بل المشكلة أعمق وأوسع من مجرد سياسيين فاشلين، أما بخصوص الفساد فهذا صحيح
أيضا فلا يكاد يوجد موظف كبير في العراق ولم تتلطخ يداه بالفساد إلا من رحم ربي،
إلا أنه من السذاجة أن نصدق كل ما يشاع في الإعلام عنهم فهناك حرب على المناصب
وعلى المقاولات والعقود تُستخدم فيها اتهامات بالفساد لمسؤول ما لإجباره على توقيع
عقد أو تقديم خدمة معينة وهذا كله على حساب المواطن العادي والكذب عليه.
وهنا يجب أن تكون رقابة سنية على جميع السياسيين السنة وأن يكون هناك
تواصل دائم معهم من المناطق التي انتخبتهم وأن يتم تشكيل هيئات ومنظمات في تلك
المناطق لكي تتطلع على آخر الأعمال التي قام بها النائب أو الوزير السني وأن تقدم
تلك الجهة المشورة والنصيحة بل على النائب أخذ آراءهم بعين الاعتبار والجد.
إن المشكلة الأساسية تتعلق بالعرب السنة فهم يظنون أن سياسييهم يملكون مفتاح الفرج وسيغيرون كل شيء بمجرد فوزهم ولكن قلة من السنة يفكرون ماذا قدم العرب السنة لأنفسهم غير المشاركة في الانتخابات وماذا يفعل سياسي سني لا أحد يدعمه ويقف خلفه أمام سياسي شيعي تؤيده مظاهرات في الشارع ويدعمه إعلام في الفضاء والإنترنت وتغطيه مرجعية شيعية متعصبة فماذا يفعل وما الذي يمكن أن يقدمه السياسي السني أمام الحشد الإعلامي والجماهيري الشيعي ،أما السنة العرب حدث ولا حرج فليس عندهم سوى توجيه النقد والاتهامات لسياسييهم عكس الشيعة.
إن المشكلة الأساسية تتعلق بالعرب السنة فهم يظنون أن سياسييهم يملكون مفتاح الفرج وسيغيرون كل شيء بمجرد فوزهم ولكن قلة من السنة يفكرون ماذا قدم العرب السنة لأنفسهم غير المشاركة في الانتخابات وماذا يفعل سياسي سني لا أحد يدعمه ويقف خلفه أمام سياسي شيعي تؤيده مظاهرات في الشارع ويدعمه إعلام في الفضاء والإنترنت وتغطيه مرجعية شيعية متعصبة فماذا يفعل وما الذي يمكن أن يقدمه السياسي السني أمام الحشد الإعلامي والجماهيري الشيعي ،أما السنة العرب حدث ولا حرج فليس عندهم سوى توجيه النقد والاتهامات لسياسييهم عكس الشيعة.
هذا هو الفرق الجوهري بين العقلية الشيعية السياسية والعقلية السنية السياسية فهل شاهدنا مظاهرات للسنة تطالب بحقوقهم أو ندوات أو مؤتمرات سياسية وهل لدينا إعلام سني يواجه أو يوازن الإعلام الشيعي وهل لدينا رجال دين ومثقفين يثقفون الناس ويحذروهم باستمرار وينشرون الوعي الديني والسياسي الذي يتناسب مع خطورة المرحلة. فالسنة اليوم مدعوون لتغيير أفكارهم وعقليتهم فيجب عليهم وعلى شيوخ العشائر والمنابر خصوصاً دعم السياسيين وتوجيه رسالة واضحة إلى الشيعة بأن هؤلاء السياسيين يقفون على أرضية صلبة وخلفهم جماهير واسعة وأن مشروعهم السياسي رقم صعب وخط أحمر فهو مشروع سني وهذا بالتأكيد سيوقع الشيعة في حرج كبير يجبرهم على التعامل بواقعية معهم ولاسيما في ظل الخارطة العربية الجديدة التي تبدو في صالح السنة العرب. أما إذا ظل السنة العرب على هذه العقلية فلن يقدر أحد أكثر السياسيين حنكة وفطنة سياسية أن يخلصهم مما هم فيه فعلينا أن نواجه الشيعة كما هم يواجهوننا ونفرض معادلة جديدة وموازنة حديدية تجبرهم على التراجع إلى الخلف.
وأخيرا أقول: أن الشيعي ليس لديه يوم واحد للانتخابات بل كل أيامه انتخابات فحين يذهب للحسينية أو للعمل أو في الإعلام وفي كل مفاصل حياته هي عبارة عن انتخابات يدعم بها السياسيين الشيعة ومن خلفهم المراجع الشيعية، أما السني فلديه يوم واحد للانتخابات وباقي أيامه حدث ولا حرج. وعندي أن الانتخابات ماهي إلا وسيلة من وسائل كثيرة لحماية أهل السنة سبق لي أن ذكرت بعضها في مقالتي السابقة (الربيع السني في العراق: الحقائق والوسائل[1].(
والله ولي التوفيق
عمر عبد العزيز الشمري
كاتب ومدون عراقي
الجمعة 28/9/2012