معتقل سوري سابق يروي لمشروع القادسية الثالثة معاناة أهل السنة في
سوريا في السجون الأسدية [حوار]
-
تم اعتقالي في الثامن عشر من رمضان
1432 هـ بعد صلاتي التراويح إماماً بالمصلين
-
قام المحققون بسب الله – عز وجل – ودينه ورسوله ( صلى الله عليه وسلم
)
-
قام المحققون بنتف لحيتي ( شعرة شعرة ) وكانوا ينادوني بالعرعوري
اللوطي !
-
كان ضباط النظام وعسكرييه ينادون بأعلى صوتهم ( بشار رب يعبد يا كلاب
!) و ( بشار ربكم ! )
-
قام المعذّبون والشبيحة بالطعن في أهلي وعرضي مستخدمين أبشع العبارات
وأوقحها
-
كان المعذّبون يضربوننا بأعقاب البنادق وبالأسلاك الكهربائية وبالضرب
المباشر بالأيدي والأرجل .
-
كان المعذبون من اللاذقية وجميعهم من الطائفة العلويّة !
مشروع
القادسية الثالثة : الحمد لله على
سلامتك ونسأل الله أن ينصركم على عدوكم وأن يحفظكم بحفظه وأن يطلق سراح معتقليكم
وأن يهلك بشار وجنده وأن يرينا فيهم يوماً أسوداً كيوم عادٍ وثمود .. هل يمكنك أن
تروي لنا كيفية اعتقالك ومتى تم ذلك ؟
الأخ ( م.
المشهداني) : في مساء الخميس
الـ(18) من رمضان السابق 1432 هـ وبعد انتهائي من صلاة التراويح إماماً بالمصلين
في أحد مساجد دير الزور، ذهبت إلى محل أخي في السوق لأساعده في عمله .. وما هي إلا
ثوانٍ حتى توقفت دورية من الأمن العسكري نزل منها ( 7 أفرادمنهم قد دججوا بالسلاح
) وأمسكوا بي وبدأوا بضربي على ظهري بالسلاح مع شتمهم المتواصل لعرضي ( ووالدتي
تحديداً ) وقاموا بسؤالي عن المنطقة التي اسكن فيها ثم اعتقلوني في سيارتهم وقاموا
بخفض رأسي حتى لا يراني أحد واقتادوني إلى فرع الأمن العسكري في دير الزور ..
وحينما وصلنا إلى هناك استقبلني (40 منهم ) بالضرب الشديد ( منهم من يضربني
بالسلاح ومنهم من يضربني بيديه ومنهم من يضرب بغير ذلك ) واستمر هذا الضرب لمدة
نصف ساعة متواصلة، ادخلوني بعدها مباشرة إلى المحقق وقاموا بخلع ملابسي ( عدا
الداخلية ) أمامه فسألني : عن اسمي وعن عنواني في دير الزور بالتحديد فأخبرتهم
باسمي وعنواني الحقيقيين ..
مشروع
القادسية الثالثة : هل كنت ترى المحقق أم
كانت عينيك معصوبة ؟
الأخ ( م.
المشهداني) :كنت أراه أمامي–
وعمره في الأربعينيات تقريباً - ومن معه من الشبيحة– وأعمارهم تتراوح بين الـ
25-30 عاماً - ولم تكن عيني معصوبة .. ثم انهال علي (4) من الشبيحة المتواجدين
بداخل غرفة التحقيق بالضرب المبرح، واقترب مني المحقق ماسكاً بلحيتي يجرني منها
ويخاطبني قائلاً ( أيش هالنجاسة– ذكرها باللهجة العامية ولم ننقلها احتراماً
للقراء - اللي بوجهك ؟ ) ثم سحبني منها حتى أدخلني الزنزانة المنفردة ..
مشروع القادسية
الثالثة : كم استمر هذا التحقيق
؟
الأخ ( م.
المشهداني) : استغرق 10 دقائق فقط
! ثم قام اثنين منهم بخلع ملابسي جميعاً ( بما فيها الداخلية ) داخل الزنزانة
وقاموا بضربي ضرباً مبرحاً تركّز على الوجه والصدر ..
مشروع
القادسية الثالثة : كم استمر هذا
التعذيب ؟
الأخ ( م.
المشهداني) : استمر لمدة ساعة
متواصلة .. ثم خرجوا من عندي وتركوني على هذه الحالة داخل الزنزانة المنفردة يوماً
كاملاً بلا طعام ولا شراب .. وفي الليلة التالية (الساعة 1:30 مساء الجمعة ) دخل
علي اثنان منهم وقيّدوا يديّ خلف الظهري ( بالكلبجة ) وعصبوا عينَيّ ثم أخذوني
لغرفة التحقيق .. فخاطبني المحقق قائلاً : أنت محترم وآدمي فتكلم لي وحدك دون أن
نستعمل أسلوبنا معك ! تحدث لي بالذي حصل معك وما علاقتك بالمسجد ؟
فقلت له : استلمت
المسجد في رمضان منذ 18 يوماً أصلي بالناس وانتهي الساعة العاشرة فأعود للمنزل ..
فقاطعني قائلاً : يبدو أنك ستتعبنا ! قلت له : هذا ما عندي وما أخبرتك إلا
بالحقيقة .. فطلب مني التمدد على بطني ففعلت .. ثم بدأ اثنان منهم بضربي ضرباً
شديداً بسلك ( كبل ) الكهرباء ما يقارب الـ(100 ) ضربة على قدمي وكنت أصرخ
عند الضرب لشدته ، فوضع أحدهم قدمه في فمي
..
مشروع
القادسية الثالثة : لا حول ولا قوة إلا
بالله .. ثم ماذا ؟
الأخ ( م.
المشهداني) : ثم وضعوا الماء تحت
قدمي وقال أحدهم لي : هروّل (أي اركض بسرعة خفيفة ) على الماء وبعد نصف ساعة سوف
أطلبك مرة أخرى .. فقلت له : إن شاء الله .. فانتفض وارتعد وصرخ ماذا قلت ؟ قلت :
إن شاء الله ..
فقال لي : ما تنتهي
إن شاء الله حتى تكون خلصت علينا ( من شدة رعبهم من هذه الجملة !)
وبقيت أهروّل في
الماء حتى التهبت قدمي وتوّرمت وأصبحت سماكتها عرض السماكة الطبيعية فأعادوني بسبب
هذا للزنزانة المنفردة ( كل هذا وعيني لا زالت معصوبة ويدي مقيدة خلف ظهري )
وتركوني على هذه الحالة لمدة نصف ساعة .. ثم دخل عليّ اثنان منهم وبدأ أحدهما
بضربي من جديد ( على وجهي وبطني تحديداً ) فأدت إحدى الضربات على وجهي إلى ظهور
حبّة سوداء في عيني وإلى شق غشاء الطبلة في أذني الذي أدى شقه إلى
نزف مادة بيضاء من أذني .. واستمر بضربي
على هذا الحال لمدة نصف ساعة متواصلةً بلا توّقف ..
ثم لعب دور الداعية
الناصح بقوله لي : أنت أخطأت وخير الخطائين التوابون (و لا أدري هل أضحك أم
أبكي رداً على قوله هذا !) ثم تركني على
حالتي هذه .
وفي صباح السبت 20/
رمضان/1432 هـ قاموا بنقلنا إلى سجن آخر ..
مشروع
القادسية الثالثة : كم كان عددكم ؟
الأخ ( م.
المشهداني) : كنا 16 معتقلاً ..
فأخرجونا وكبّلوا أيدينا وكان عددهم 15 حارساً مدججين بالسلاح الروسي .. فتركوا
المعتقلين الخمسة عشر الذين كانوا معي واجتمع علي (10) منهم فانهالوا عليّ بالضرب
، منهم من يناديني بالعرعوري ومنهم من يناديني باللوطي ونتفوا لحيتي وشتموني بعرضي
وأهلي .. حتى وصل بهم الحال أن قام أحدهم بوضع سلاحه بين فخذي محركاً إياه بقوة ..
مشروع
القادسية الثالثة : حسبنا الله ونعم
الوكيل .. قاتلهم الله !
الأخ ( م.
المشهداني): وضربوني على رقبتي
من الخلف بالسلاح وبالأسلاك الكهربائية ( الكبل الرباعي ) وكان يصرخ عليّ : يا
عرعور هل تنادي حي على الجهاد ؟ وكانوا يكفرون بالله العظيم ويسبونه ودينه – عز
وجل - ..
مشروع
القادسية الثالثة : هل كانوا يكفرون
بالله ويسبونه أمامك ؟
الأخ ( م.
المشهداني): نعم شاهدتهم بعيني
وسمعتهم بإذني التي سلمت من تعذيبهم ! ثم جاء دور نقلنا إلى سجن آخر وهنا انهالوا
علينا نحن الـ( 16) جميعاً بالضرب قبل صعودنا للباص الناقل لنا للسجن الآخر ..
مشروع
القادسية الثالثة : ما هذا إذن .. كل
هذا التعذيب للوداع ؟ للذكرى فقط ؟
الأخ ( م.
المشهداني):نعم ( حتى نذكرهم
بخير ! ) ثم أدخلونا إلى الباص وقاموا بإغلاق ستار النواف حتى لا يرانا أحد في
الخارج ولم يتوقف ضربهم ولا تعذيبهم لنا طول الطريق–ما يقارب ساعة كاملة - ، وكان
لي حصة الأسد من هذا التعذيب إذ فوضعوني في منتصف الباص وقام أحدهم بحني ظهري ووقف
عليه بقدميه ليضرب الآخرين ضرباً شديداً بالأسلاك الكهربائية والهراوت صارخاً
بأعلى صوته : ( بالروح بالدم نفديك يا بشار ) و ( بشار رب يعبد يا كلاب ) و ( بشار
ربكم ) ..
مشروع
القادسية الثالثة : كان يقول لكم هذه
العبارات بهذه الصراحة ؟
الأخ (م.
المشهداني): نعم، وكما ورد في
الحديث : " إذا لم تستح فاصنع ما شئت " ، وبعد الانتهاء من ضرب جميع
المعتقلين – وكان بيننا مساعد أول منشق من مدينة القورية - الذين في الباص كان يضربني بعدهم !
واستمر التعذيب حتى
وصلنا إلى فرع المخابرات العسكرية في دير الزور ..وكان الاستقبال حافلاً لنا
جميعاً ولي شخصياً، فقد أبلغ المجرم - الذي كان معنا والذي أشرف على تعذيبنا في
طريقنا كله – من استقبلنا في فرع المخابرات أن عليكم بهذا وأوصاهم بي شخصياً !
وما كذب القوم الخبر
فما هي إلا ثوانٍ حتى أمسك بي أحدهم يجرني من شعري وبدأ بضرب رأسي بالحائط وهو
يقول: ( تعال يا عرعوري يا لوطي ) كل هذا ولم يثبت عليّ من التهمة المزعومة شيء حتى الآن !
مشروع
القادسية الثالثة : إذن متى وكيف أثبتوا
عليك هذه التهمة المكذوبة ؟
الأخ (م.
المشهداني): عند وصولي للفرع
عذبوني أولاً – كما ذكرت أعلاه – ثم أدخلوني إلى الزنزانة المنفردة ( كل خمسة
معتقلين في زنزانة – حجمها 1 م *80 سم) وبقيت على حالتي هذه يومين متواصلين لا
أعرف – كما بقية المعتقلين – مصيري، وكنا نسمع صيحات إخواننا المعتقلين نتيجة
التعذيب الشديد.
وفي الساعة 11 من
صباح يوم الاثنين طلبوني إلى التحقيق وقاموا بتغطية عيني
وتوثيق يدي ( وكنت قد رأيتهم وعددهم أربعة – اثنان
داخل الغرفة واثنان مختصان بالتعذيب خارجها) فأخبرني المحقق : أنه قد تم تصويري في
المظاهرات بالهاتف النقال وهذا دليل قاطع على تورطي، فنفيت حدوث هذا الأمر وقلت له
: إذا وجدت دليلاً على أنني كنت معهم فاقتلني، فجاء بصورة بعيدة جداً لا يرى منها
إلى رؤوس الناس لبعدها الشديد وقال لي : هذا أنت – مشيراً إلى أحد الذين كانوا
يحملون علم الاستقلال في إحدى المظاهرات –فنفيت هذا الأمر .. فأمرني بالانبطاح على
بطني ففعلت ، وقال لي : " لا أريد أن أسمع صوتك وإن سمعته فسأزيد في الضرب
" فوضع أحدهم قدمه على رأسي والآخر يضربني لمدة ربع ساعة، وبعد انتهاء التعذيب
أحسست بالتهاب في قدمي فأوقفوني في إحدى زوايا غرفة التحقيق وانهالوا عليّ بالضرب
( على وجهي وبطني بالتحديد ) ثم أعادوني إلى الزنزانة المنفردة .
وفي اليوم التالي (
الثلاثاء - 23 رمضان ) طلبوني للتحقيق مرة أخرى واتهموني هذه المرة بالانتماء للسلفية وأدخلوا
عليّ 10 من شبيحة النظام( وكان يوماً لا ينسى بالنسبة إليّ كأنه بعشر سنوات! )
فقال لي المحقق : أنت سلفي[1]
وتقرأ كتب محمد عبد الوهاب وابن القيم الجوزية وابن باز وابن عثيمين والفوزان، ثم
قام الشبيحة العشرة بضربي، ثم قال المحقق : " شايفهذولا العشرة .. كلهم
يريدون ذبحك فتكلم أحسن لك !"..
مشروع
القادسية الثالثة : وماذا فعلت ؟ هل
اخترت الانتماء للسلفية أم الخروج بالمظاهرات تهمة لك ؟
الأخ (م.
المشهداني): كنت بين خيارين
أحلاهما مر، وكان لابد من اختيار أهون الشرين فنفيت تهمة السلفية وأقررت بتهمة
الخروج بالمظاهرات – دفعاً لاتهامي بالتهمة الأولى التي تعتبر أخطر بشكل كبير -،
فحينما سمعني المحقق - أعترف ! – بمشاركتي بالمظاهرات أمسك بعنقي ورفعني بيده على
الحائط محكماً قبضته على عنقي( حتى كادت روحي تخرج ) ثم قال لي بالفصحى : "
منبطحاً على بطنك "واستمر يضربني بالأسلاك الكهربائية ( قطرها 4 انش تقريباً
) حتى كسرت إحدى قدمي من جراء الضرب الشديد فأخبرته بهذا فقال لي : انتظر حتى آتيك
بكبل ثانٍ وجاء بكبل رفيع وبدأ يضربني فيه ( فكنت أطلب منه العودة لتعذيبي بالكبل
العريض لشدة الألم الناتج من تعذيبي بالرفيع) ما يقارب الـ700 ضربة على قدمي
الاثنين ثم قال لي :" جاثياً – أي وضعية الجاثي " فكان يضربني على ظهري
ثم قال : " منبطحاً " وانهال بالضرب على جميع أجزاء جسدي بما فيها قدمي
الاثنين وعند الانتهاء من الضرب قام بسكب ماء على الأرض من قنينة بيده ثم أمرني
بالهروّلة على الماء فكنت أحاول الهرولة ولا استطيع؛ بسبب كسر إحدى قدمي فاكتفي
بالقفز بقدم واحدة .
ثم أعادوني إلى
الزنزانة مرة أخرى وكان إخواني المعتقلين – فك الله أسرهم وجزاهم عني كل خير –
يحملوني على أكتافهم إن احتجت لقضاء حاجتي .
مشروع
القادسية الثالثة : متى وكيف أطلق سراحك
؟
الأخ (م. المشهداني):تم إطلاق
سراحي في يوم الخميس بعد تعذيبي ذلك الصباح الموافق ( 25 رمضان ) بفضل الله إذ ما
كان منا سوى الاستغفار والاستعانة بالله الذي لا قوة لنا إلا به وحده .
مشروع
القادسية الثالثة : نشكر لك تفضلك بالسماح
لنا بتسجيل هذه القصة المؤلمة التي نقدمها كوثيقة للتاريخ في سجل جرائم هذا النظام
الدموي ونسأل الله أن يطلق سراح جميع المعتقلين وأن يحفظهم وأن يتقبل شهدائكم وأن يخلّص سوريا وأهلها من
بشار ونظامه الوحشي، نسأل الله أن يرينا فيهم يوماً أسوداً كيوم عادٍ وثمود وأن
يمزقهم شر تمزيق وأن ينصر أهل السنة في سوريا ويثبت أقدامهم ويكرمهم بنصره .
·
* تم اجراء الحوار مع الأخ المشهداني قبل شهرين ولم يتم نشره حتى اللحظة
حفاظاً على سلامة عائلة المعتقل وقد حانت الفرصة المناسبة للنشر الآن .
والحمد لله رب العالمين .
مشروع القادسية الثالثة
الثلاثاء 21/8/2012
[1]إن تم
إدانتي بهذه التهمة فالمفترض تحويلي إلى سجن صحنايا في دمشق التابع للمخابرات
الجوية ويمكث المدان فيها 5 سنوات في السجون على الأقل !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق